زوجات الرسول ﷺ – عائشة رضي الله عنها
اسمها نسبها و مولدها
هي عائِشة بنت أبي بكر ثالث زوجات النبي محمد وإحدى أمهات المؤمنين، والتي لم يتزوج امرأة بكرًا غيرها.
تنتمي عائشة إلى بني تيم وهم بطن من قريش، فهي عائشة بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب، فيلتقي نسبها مع النبي محمد في مرة بن كعب. وأبوها هو أبو بكر الصديق خليفة النبي محمد، وصاحبه في رحلة هجرته من مكة إلى يثرب.
وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية -رضي الله عنها- التي قال فيها رسول الله ﷺ : « من أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين، فلينظر إلى أم رومان ».
ولدت -رضي الله عنها- ولدت عام 9 ق.هـ / 604م. كنيتها أم عبد الله، ولُقِّبت بالصِّدِّيقة، وعُرِفت بأم المؤمنين، وبالحميراء لغلبة البياض على لونها.
ولدت عائشة رضي الله عنها بعد البعثة بأربع سنوات ، خرجت إلى الدنيا فوجدت نفسها بين أبوين كريمين مؤمنين. أي أنها لم تدرك الجاهلية، وكانت من المتقدمين في إسلامهم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج رسول الله ﷺ قالت: « لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين ».
قصة زواج السيدة عائشة من النبي ﷺ
وقد تمت خطبتها لرسول الله ﷺ وهي بنت سبع سنين، وتزوجها وهي بنت تسع؛ وذلك لحداثة سنها، فقد بقيت تلعب بعد زواجها فترة من الزمن.
وقد تزوجها النبي محمد ﷺ بعد غزوة بدر في شوال سنة 2 هـ، وكانت من بين النساء اللواتي خرجن يوم أحد لسقاية الجرحى.
روي عنها أنها قالت: دخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا ألعب بالبنات، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: خيل سليمان. فضحك. وقد أحب رسول الله ﷺ خطيبته الصغيرة كثيرًا، فكان يوصي بها أمها أم رومان قائلاً: « يا أم رومان، استوصي بعائشة خيرًا واحفظيني فيها ».
وكان يسعده كثيرًا أن يذهب إليها كلما اشتدت به الخطوب، وينسى همومه في غمرة دعابتها ومرحها.
وبعد هجرة الرسول ﷺ إلى المدينة، لحقته بفترة ليتمَّ هذا الزواج الميمون في شوال سنة اثنتين للهجرة، وانتقلت عائشة إلى بيت النبوة.
أهم ملامح شخصية السيدة عائشة
الكرم والسخاء والزهد
أخرج ابن سعد من طريق أم درة قالت: أتيت السيدة عائشة رضي الله عنها بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة، فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحمًا تفطرين عليه!! فقالت: لو كنت أذكرتني لفعلت.
العلم الغزير
فقد كان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض؛ قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة رضي الله عنها من أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة.
قال أبو موسى الأشعري : ما أشكل علينا أصحاب محمد ﷺ حديث قَطُّ، فسألنا عنه عائشة -رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علمًا.
وقال عروة بن الزبير بن العوام: ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
ذات مكانة خاصة
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري أنه قال: قال رسول الله ﷺ: « كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ».
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: « كان الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة؛ يبتغون بذلك مرضاة رسول الله ﷺ ».
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سلمة أنه قال: إن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله ﷺ يومًا: « يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام ». فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تقصد رسول الله ﷺ
بعض المواقف من حياتها مع الرسول ﷺ
ذكر ابن سعد في طبقاته عن عباد بن حمزة أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا نبي الله، ألا تكنيني؟ فقال النبي ﷺ: « اكتني بابنك عبد الله بن الزبير »، فكانت تكنى بأم عبد الله. وعن مسروق قال: قالت لي عائشة رضي الله عنها: لقد رأيت جبريل واقفًا في حجرتي هذه على فرس ورسول الله ﷺ يناجيه، فلما دخل قلت: يا رسول الله، من هذا الذي رأيتك تناجيه؟ قال: « وهل رأيته؟ » قلت: نعم. قال: « فبمن شبهته؟ » قلت: بدحية الكلبي. قال: « لقد رأيت خيرًا كثيرًا، ذاك جبريل ». قالت: فما لبثت إلا يسيرًا حتى قال: « يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام ». قلت: وعليه السلام، جزاه الله من دخيلٍ خيرًا ».
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة: يابن أختي، قال لي رسول الله ﷺ : « ما يخفى عليَّ حين تغضبين ولا حين ترضين ». فقلت: بمَ تعرف ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال: « أما حين ترضين فتقولين حين تحلفين: لا ورب محمد، وأما حين تغضبين فتقولين: لا ورب إبراهيم ». فقلت: صدقت يا رسول الله ﷺ.
غيرتها الشديدة من باقي زوجات الرسول
وقد كانت عائشة أكثر زوجات النبي غيرة وأشدهن حساسية في ذلك، فيُروى أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ رضي الله عنها، بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ، فَضَرَبْتُهُ بِيَدِي فَكَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ هَذَا؟ قَالَ : « إِنَاءٌ مَكَانُ إِنَاءٍ، وَطَعَامٌ مَكَانُ طَعَامٍ »».
كما كانت تغار من زوجته الأولى خديجة رغم وفاتها، وتقر بذلك وتحكي : «سْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ. قَالَتْ: فَغِرْت، فَقُلْت: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا». فقال النبي محمد: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَأَشْرَكَتْنِي فِي مَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا وَحَرَمَنِي وَلَدَ غَيْرِهَا.» فقالت: «وَاللَّهِ لا أُعَاتِبُك فِيهَا بَعْدَ الْيَوْمِ».
حادثة الإفك
فبعد انتهاء غزوة بني المصطلق، حيث كان عليه السلام في كلٍ غزوة يقرع ما بين نسائه لأخذ واحدةٍ منهنّ معه إلى الغزوة، وكان في ذلك حكمةٌ لا يعلمها إلا الله ورسوله، حيث كانت عائشة رضي الله عنها تبيت في منزلٍ في المدينة، وعند انتهاء الغزوة، أرسل عليه السلام مؤذناً يدعو الناس لتجهيز أمتعتهم استعداداً للسفر.
كانت السيدة عائشة تلبس في عنقها عقداً أهدته إياه أختها، وقبل الرحيل خرجت لتقضي حاجةً لها في المدينة، فأوقعت العقد ولم تنتبه له لأنّه كان رقيقاً، وعندما همَّ العساكر بالرحيل افتقدت العقد، فعادت إلى المكان الذي كانت فيه لتبحث عنه، وفي هذا الوقت كانت القوافل قد رحلت، وهم معتقدين أنّ عائشة رضي الله عنها جالسةً في هودجها، وعندما وجدت عائشة العقد وعادت لم تجد أحداً، فجلست مكانها، وتلففت بعبائتها منتظرةً أن يفتقدها أحد ويرجع لأخذها.
أثناء انتظارها غفلت عيناها، ونامت، ومن ثم استفاقت على صوت صفوان بن المعطل ينادي عليها، حيث كانت مهمته أن يتفقد الجيوش وأغراضهم بعد انتهاء الحرب، والبحث عن المفقودات، فما كان من الصحابي الجليل إلا أن أركبها على حصانه، ومشى بها إلى المدينة.
عندما وصلوا إلى المدينة متأخرين بدأ المنافقين والنساء الحاسدات بنشر الإشاعات والأقاويل عنهما، وبأنهما قد ارتكبا الفاحشة، وعندما وصل الخبر إلى رسول الله عليه السلام لم يقل لها شيئاً، ولكنه كان يشعر بالحزن الشديد على ما يقال عن زوجته، ويشار إلى أن عائشة مرضت، فطلبت من سيدنا محمد عليه السلام أن تذهب لتمكث عند أمّها، خاصّةً بعد ان أحسّت بالجفاء ما بينها وبين زوجها.
خرج ﷺ إلى القوم، وألقى خطبةً فيهم يستنكر فعلتهم بالحديث عن زوجته وعرضه، ومن ثم ذهب إلى بيت أبي بكر، وقابل عائشة وقال لها: (أما بعدُ، ياعائشةُ، إنه بلَغَني عنك كذا وكذا ، فإن كنتِ بريئةً ، فسُيُبَرِّئُك اللهُ ، وإن كنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ ، فاستغفري اللهَ وتوبي إليه ، فإن العبدَ إذا اعتَرَفَ ثم تابَ ، تابَ اللهُ عليه)[صحيح البخاري] ولكنها ردت عليه قائلةً بأنّها لن تتوب عن ذنبٍ لم تقترفه، وبأنها واثقةٌ من برائتها، ومن ثم تلت قوله تعالى: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)[يوسف:18].
نزل الوحي على رسول الله ﷺ مؤكداً براءة السيدة عائشة من هذه الحادثة، وكان ذلك في الآيات التالية من سورة النور: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ(١٢)لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَـٰئِكَ عِندَ اللَّـهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ(١٣)وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(١٤)إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمٌ(١٥)وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ(١٦)يَعِظُكُمُ اللَّـهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(١٧)وَيُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(١٨)إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(١٩)وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّـهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ(٢٠)﴾[النور].
وفاة النبي محمد ﷺ
لما مرض النبي ﷺ مرضه الأخير، كانت رغبته أن يُمرّض في بيت عائشة، فأذنت له زوجاته.
وفي فترة مرضه تلك، جاءه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال النبي محمد: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، فقالت عائشة: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ(رقيق) وَمَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ»، فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ».
وقالت عائشة بعد ذلك: «فَوَاللَّهِ مَا حَمَلَنِي حِينَئِذٍ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ إِلا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْأَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ رَجُلٍ يَقُومُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ أَبَدًا».
وفي يوم الوفاة، دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك، وعائشة مسندة النبي محمد إلى صدرها، فرأته ينظر إلى عبد الرحمن فعرفت أنه يحب السواك، فقالت: «آخذه لك»، فأشار برأسه أن نعم، فناولته فاشتد عليه، فقالت: «ألينه لك؟» فأشار برأسه أن نعم، فلينته.
ثم حضرت النبي محمد الوفاة، فتذكر عائشة ذلك قائلة: «فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي».
ودفن النبي ﷺ في حجرة عائشة في المكان الذي توفي فيه. ويروي سعيد بن المسيب عن عائشة أنها رأت في منامها كأن ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي، فسألت أباها، فقال: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ تَصْدُقْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنُ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ثَلاثَةٌ»، فلما توفي النبي محمد ودفن، قال لها أبو بكر: « يَا عَائِشَةُ، هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ أَحَدُهَا». ثم دُفن بعد ذلك في حجرتها أبو بكر وعمر بن الخطاب، فكان ذلك تمام الثلاثة أقمار.
أثرها السيدة عائشة في الآخرين
من أبلغ أثرها في الآخرين أنها رضي الله عنها روى عنها مائتان وتسعة وتسعون من الصحابة والتابعين أحاديثَ الرسول ﷺ.
بعض الأحاديث
أثرها السيدة عائشة في الآخرين
من أبلغ أثرها في الآخرين أنها رضي الله عنها روى عنها مائتان وتسعة وتسعون من الصحابة والتابعين أحاديثَ الرسول ﷺ.
بعض الأحاديث التي نقلتها السيدة عائشة عن المصطفى أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها- أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلاً فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ ».
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ، وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا. وأخرج أيضًا عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أنها قَالَتْ: « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنْ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ. قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا ».
وفاتها
أخرج ابن سعد عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت حين حضرتها الوفاة: يا ليتني لم أخلق، يا ليتني كنت شجرة أسبِّح، وأقضي ما عليَّ.
وقيل: إنها توفيت سنة ثمانٍ وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، أمرت أن تدفن ليلاً، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.
المصادر بتصرف :
الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 – (106:118) ذكر أزواج النبي ﷺ
صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
جامع الترمذي، كِتَاب الدَّعَوَاتِ، أبوابُ الْمَنَاقِبِ، بَاب مِنْ فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
مستشرقين أم مفترين د.محمد راتب النابلسي
لسان العرب لابن منظور
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ج8 ص14